أتمنَّى أن أجد ذلك الداعية الذي يسعى لنفع الناس, فلا تراه إلا معلماً لهم ومبلغاً لهم ما يعلمه من دين الله تعالى.
نريد ذلك الداعية الصادق المخلص الذي لا يريد إلا "رضا الله تعالى".
أين ذلك الداعية الذي يرجو ما عند الله وشعاره " إن أجري إلا على الله"؟
متى نرى ذلك الداعية الصبور على أذى الناس له، الذي يتذكر دائماً قول الرسول
سلم: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"؟
إنه الداعية الذي يتحمل كلام الناس وأعمالهم ولا يعاتب ولا يطالب.
أين ذلك الداعية المتواضع مع الناس فيجلس مع الضعيف والفقير، ويزور المريض ويمشي مع الكبير والصغير, وينام على الأرض أو على الحصير؟؟
أين ذلك الداعية الذي ينطلق في دعوته بمنهج العلم الصحيح, فإذا رأيته ترى العلم والصواب، إنه لا يتكلم إلا بعلم ولا يتحرك إلا بعلم، ولا يحب إلا بعلم ولا يبغض إلا بعلم، ولا يوالي إلا بعلم، ولا يعادي إلا بعلم، ولا يعطي إلا بعلم ولا يمنع إلا بعلم.
أريد أن أرى ذلك الداعية صاحب الهمة العالية الذي لا يعرف الكسل ولا الفتور, فهو الأول دائماً، يسافر للبلاد البعيدة والقرى النائية..... يهجر النوم والوسادة ويترك المباحات ليفعل الواجبات..... إنه نادر في هذا الزمان.... وجوهرة في سوق الدعاة.
أريد ذلك الداعية الذي لا يسعى إلا لخدمة دينه ونفع العباد، فالهدف الأكبر هو "نصرة الدين" (" يأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ").
أين ذلك الداعية الذي يعتبره الناس قدوة في أخلاقه وفي أدبه وفي سلوكه, إنه الداعية الصامت الذي ينتفع الناس برؤيته قبل كلامه.
إننا نحتاج إلى ذلك الداعية الذي يعرف قدر الناس، وينزلهم منازلهم، فهو حكيم في التعامل معهم، يعرف أقدار الناس ويعلم الطرق المناسبة في التعامل معهم.
إن الأمة تحتاج إلى ذلك الصنف من الدعاة الذين يحرصون على اغتنام الفرص وتسخيرها في خدمة الدين، فهم أذكياء وعقلاء في اقتناص الفرص {" ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً"}.
يا ترى أين ذلك الداعية الذي بدأ في تطوير نفسه عبر الدورات " التدريبية" و"النفسية " فهو لا يزال في ارتقاء وتجديد وتطوير، ولا يرضى لنفسه البقاء في " مرتبة واحدة ".
ونحن بحاجة إلى أولئك الدعاة الذين يستفيدون من كل وسائل التقنية في خدمة الدين فهم قد دخلوا " الانترنت" وأنشأوا المواقع النافعة، والبرامج الجديدة في " الحاسب الالي" وغيرها.
أين أجد ذلك الداعية الذي يقوم الليل ليناجي ربه ويتصل بمولاه، ويرتل القران في الأسحار,إنه نادر في هذا الزمان (" كانوا قليلاً من الليل مايهجعون").
أين الداعية الذي يعرف متى يتكلم ومتى يسكت فهو حكيم في " ضبط لسانه" ولا تثيره المواقف للحماس الذي لا ظوابط له، بل هو في المواقف ولكن لا يتكلم إلا بما يخدم المصلحة العامة.
نريد داعية لا يقف عند طريقة ولا يعرف إلا التجديد والتنويع، فهو "شعلة " لا تنطفيء.
نحن نشتاق إلى ذلك الداعية الذي جمع بين حقوق الدعوة وحقوق أهله وأبناءه، فهو داعية ولكن حبه للدعوة لم يؤثر على عنايته بأسرته وأطفاله.
ما أحوجنا إلى داعية ترى على وجهه ابتسامة صادقة تأسر القلوب والأرواح.
أين الداعية الذي يعفو عمن ظلمه، ويتجاوز عمن تكلم فيه، ويدعو لمن أخطأ عليه ويلتمس العذر لمن أساء إليه ("والله يحب الصابرين")
والداعيات أيضا
والأمة تحتاج إلى الداعية الذي عنده علم وبصيرة، فهو يعلم ويفتي ويدعو ويبلغ وذلك الداعية لم ينشغل بالدعوة عن طلب العلم وحضور مجالس الذكر إنه يُعطي ويأخذ، ويتعلم ويُعلِّم.
لا زلتُ أتمنى رؤية ذلك الداعية الذي يسير على منهج السلف في معتقده وفي أدبه وفي سلوكه، وفي زهده وتواضعه وخشيته.
والناس يحبون الداعية الرفيق السهل واللين والهادئ الذي يسير بكل رفق ويتعامل معهم بكل سهولة فهو لا يعرف القسوة ولا الشدة إلا في اقل المواقف.
أين أجد ذلك الشاب الذي يمارس الدعوة إلى الله في منزله ومدرسته وفي الحي الذي يسكن فهو شاب ولكنه " نشأ في طاعة الله تعالى".
ولازالت الأمة تحتاج إلى نساء داعيات يحملن همّ الدعوة في " أو ساط النساء" بكل همة وجد وعزيمة، لأن واقع النساء فيه الكثير من المنكرات والمصائب..
يا أختاه.... انطلقي واحتسبي وارتفعي بالهمة العالية في خدمة الدين....
لا تتفرجي ولا تنتظري.. ولا تيأسي... نريد امرأة تساوي " ألآلف الرجال "
أختاه نحن ننتظر وجودك داعية في المستشفى وفي السوق، وفي المدرسة والكلية, وفي الجامعة, وفي داخل البلاد وخارجها.
نريدك داعية بين الأقارب والأخوات والصديقات إننا ننتظر منك المبادرة والمسارعة إلى إنقاذ الفتيات الغارقات في بحار الذنوب والشهوات.
أختي الداعية: إن القنوات الفضائية تعمل ليلاً ونهاراً لكي تفسد الشباب والفتيات، فيا ترى من يعظ النساء والفتيات إلا النساء الداعيات...
أختاه: سيري على بركة الله، وابدئي ولا تتوقفي فإن الواقع مرير، والشر مستطير..
ولكننا نعلم أن من بين أخواتنا من يحملن همة الدعوة والإصلاح.....نحن واثقون أن أخواتنا الداعيات لن يتركن الفتيات ضحايا للأزياء والقنوات والأسواق.
وأخيراً: سيروا على الطريق فالقافلة تسير ولا تنظروا للقاعدين لأن القافلة لا زالت تسير ونحن نسير وإلى الله المصير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الشيخ / سلطان العمري